بعد هجرة الجلوة الأولى من الوكرة بقطر الى الجبيل عام 1327هـ 1909م ظلت نصف منازل آل بوعينين في الوكرة خالية من السكان بعكس هجرة الجلوة الثانية عام 1340هـ الذين هدموا منازلهم قبل رحيلهم إلى الجبيل واستفادوا من نوافذها و أبوابها وخشب أسقفها في بناء منازلهم في الجبيل .
نتيجةً لخلو منازل الجلوة الأولى فقد استوطنها أناس آخرين غرباء عن الوكرة ومعظمهم من عرب فارس وسلطنة عمان ومنهم من قام بتزوير حجج استحكام لها بشهود مزيفين مما افقد أهل المنازل الأصليين التعويضات المالية السخية من دولة قطر عندما قامت عام 1395هـ/ 1975م بنزع ملكيات جميع منازل الوكرة القديمة لتحويلها إلى مركز سياحي كبير وأسواق تراثية بعد إعادة تجديد بنائها حسب مخططها وطرازها المعماري القديم .
لذلك خسر معظم أهل الجلوة الأولى التعويضات المالية بإبقاء منازلهم دون هدم مما أتاح للغرباء الاستيلاء عليها وتزوير حجج ملكيتها ، بينما نال تلك التعويضات أهل الجلوة الثانية بهدم منازلهم وابقاء أساساتها وبعض جدرانها .
أما بعض أولئك الغرباء الذين أقاموا بمنازل أهل الجلوة الأولى فكانوا من سحرة مسقط وباقي مناطق سلطنة عُمان وتضرر أهل الوكرة منهم ضرراً كبيراً حيث تم سرقة أموالهم وحلي نسائهم وجواهرهم ولألئ تجار الؤلؤ ، فتعهد لهم الشيخ راشد بن علي بن راشد العلي آل بوعينين المشهور باسم “راشد بن منصور” بإعادة جميع مسروقات أهل الوكرة التي سلبها منهم سحرة عُمان بالشعوذة وطلاسم السحر والتدليس على أعين الناس وسرقة ما لديهم بدون شعور ٍمنهم .
وكان الشيخ راشد بن منصور آل بوعينين من أئمة مساجد الوكرة ومن حفظة القرآن الكريم ومن العالمين بأسرار آياته في العلاج وفك السحر و رقية المعيون بالحسد والمتلبس بالجان والحجر على المسروقات ومنع السارق من التصرف بها أو بيعها ، وذلك علم من علوم القرآن اختص الله به بعض العارفين بعظمة وأسرار آياته .
نادى الشيخ راشد بن منصور آل بوعينين بأهل الوكرة : أن من له أشياء سُرقت منه أو يفقد أشياء في منزله فليخرج بعد صلاة الظهر إلى خارج مباني الوكرة ولينتظر معه حتى يتعرف على المسروقات التي سُرقت منه.
فخرج جمعٌ غفير من سكان الوكرة خلفه ، وقام بخط دائرة كبيرة في الخلاء و أبعد الناس عنها ثم بدأ يقرأ آيات عديدة من سور مختلفة من القرآن بصوت جهوري يُسمع من بعيد ، ولم يمض سوى قليلٌ من الوقت حتى بدأ السحرة بالخروج من الوكرة حاملين معهم جميع المسروقات ودخلوا داخل الدائرة و بدأوا برمي المسروقات من أيديهم ومن جيوب ملابسهم وهم يطلبون العفو والسماح من أهل الوكرة ومن الشيخ راشد بن منصور الذي كان يستعين بالله عليهم ثم بآيات كتاب الله فيتلوها ويرددها عدة مرات حتى افرغوا ما في جيوبهم وملابسهم وظهر الفزع في أعينهم وطلبوا الأمان منه فأعطاهم الأمان بشرط أن لا يمسي عليهم الليل وهم في الوكرة فوافقوا على ذلك وقاموا بمغادرة الدائرة المرسومة التي حبسهم بها وغادروا الوكرة قبل المساء.
أما الناس المسروقين من أهل الوكرة فقد أمرهم الشيخ راشد بن منصور بالتعرف على مجوهراتهم وحليهم وأغراضهم وأخذها دون زيادة أو نقصان ، فمنهم من عرف لألئه ومنهم من عرف صرة نقوده ومنهم من عرف ذهبه وفضته وحليه حتى فرغوا جميعاً من استعادتها وهم يشكرون للشيخ راشد ومتعجبون من حفظه لأسرار آيات القرآن .
الخلاصة :
هذا علم من أسرار آيات القرآن علمه من علمه وجهله من جهله وفي القرآن أيضاً العديد من آيات الشفاء وغيرها من علوم الكون حتى قيام الساعة. و رغم أن الشيخ راشد بن علي بن راشد الراشد العلي آل بوعينين كان من أئمة مساجد الوكرة فقد كان من كبار الطواشين (تجار اللؤلؤ) في الوكرة وفي الجبيل كما كان من وجهاء قبيلة آل بوعينين وقد عاش وتربى مع أخواله الجبران آل بوعينين وهاجر معهم إلى الغارية عام 1885م 1302هـ وإلى دارين حتى عام 1892م 1309هـ.
وقد تزوج الشيخ جبران بن محمد بن بحر الجبران أخته آمنه بنت علي الراشد العلي وهو شقيق محمد بن منصور بن محمد الحسن آل بوعينين لأمه.
وقد واجه الشيخ راشد بن علي بن راشد الراشد العلي آل بوعينين مشكلة مع الشيخ راشد بن علي بن ناصر الناصر آل بوعينين حيث تصل رسائل المخاطبات والمواد الغذائية للوكرة لراشد بن منصور باسم راشد بن علي آل بوعينين وتعطى للشيخ راشد بن علي الناصر بسبب تشابه الأسمين والناس تظنه خاص بالشيخ راشد بن علي الناصر ابن مؤسس الوكرة وهو الأشهر عند الناس وتضرر بذلك راشد بن منصور فغيّر اسمه وختمه إلى راشد بن منصور ، علماً أن منصور هو اسم زوج والدته ولا حقيقية لانتسابهم إلى منصور بن محمد الحسن آل بوعينين وإنما كانت التسمية بمنصور للتفريق بين راشد العلي و راشد الناصر .
وهذه المشكلة تكررت مع اثنان آخران من النواصر هما محمد بن ناصر الجبران آل بوعينين و محمد بن ناصر البوحسون آل بوعينين في الجبيل ، فكانت الرسائل والحاجات المرسلة لـ البوحسون آل بوعينين يستلمها الجبران آل بوعينين ولكنهم جميعاً كانوا أمناء بينهما ، فإذا كانت الحاجة لا تخص الأول سلمها لابن عمه الثاني .