من كرم آل بوعينين (١)

 

من كرم آل بوعينين (١)

 

الكرم صفة حميدة ذكرها الله في كتابه الكريم في قصة النبي إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والتسليم عندما ذبح لضيفيه من الملائكة “عجل حنيذ” ، كما مدح الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصفة عندما  جيء له بسبي قبيلة طيء عام 9 هـ وكان بينهم سفانة ابنة حاتم الطائي فأطلق رسول الله سراحها ومن معها من السبي بعد أن أكرمها لأن والدها كان جواداً كريماً والكرم من الصفات التي حث عليها الإسلام .

 

 وطبع الجود والكرم ليس بغريب على نفوس آل بوعينين وحبهم للخير والمعروف وإكرام الضيف ومكارم الأخلاق التي لم تكن حديثة عهد عليهم، بل توارثوها عن آبائهم وأجدادهم القدماء من بني دارم التميميين عندما كان أجدادهم بني عبدالله بن دارم مقيمين في منطقة الصمان (قرب مدينة حفر الباطن) ، وبعد أن ارتحلوا عنها واستوطنوا منطقة عينين قبل الإسلام بنحو قرن . واشتهر جدهم خُليد عينين بن المنذر بن ساوى الدارمي التميمي في صدر الإسلام بالكرم وحسن الضيافة وهو القائل :

 

ايهـا الموقـدان شــبا ســناها

       إن للضـيف طـارفي وتلادي

وأسعراها حتى أرى في سناها

       ناهضاً باديـاً كصفر الجـرادِ

 

 وتطرق الشيخ محمد بن راشد بن علي الراشد آل بوعينين (توفي عام 1343هـ) إلى حقيقة كرم أجداد آل بوعينين الدارميين فقال ضمن قصيدة له :

 

رسمٍ به العينين شاعت وشيعت

   لنا الجـود والعليـا ورثنـا وقـوفا

بنـو دارم ٍ ذروة تميــــم وتنتـمي

  لفرع الندى موري سناها ضيوفا

لنا طـارقٍ بالضيـف فخـرٍ وعـادةٍ

   ورثناه عن جـدٍ سلف من سلوفا

 

أما قصة الكرم هذه فيتناقلها الكثير من أبناء آل بوعينين في البحرين قديماً وحاضراً، وتتحدث عن موقف كرم للشيخ جبر بن عبدالعزيز بن فضل العلي آل بوعينين عندما كان مقيماً في جزيرة أم الشجر في البحرين قبل أكثر من 100 عام وهي جزيرة صغيرة بطول 500 متر وعرض 250 متراً. حيث صادف ذات يوم ٍ أن مر بقرب تلك الجزيرة الشيخ عيسى بن علي الخليفة “شيخ البحرين” فخرج الشيخ جبر بن عبدالعزيز آل بوعينين من داره ونزل إلى البحر ورحب بشيخ البحرين وألح عليه بتشريف مجلسه بالجزيرة. فنزل الشيخ عيسى بن علي عند رغبة مضيفه مع جميع بحارة السفينة، والله أعلم كيف كانت احوال الناس آنذاك وضنك المعيشة في البحرين والجزيرة العربية، ولكن عزة نفس الشيخ جبر بن عبدالعزيز آل بوعينين أبت أن يضيف شيخ البحرين بالسمك ولم يكن لديه إلا بقرةً يشرب من حليبها هو وأسرته. فقام من حينه وذبحها  إكراماً لضيفه ولم يكن بالجزيرة حطباً يكفي لطبخ البقرة فعمد إلى سفينته الصغيرة التي يتنقل عليها وكسر جانباً منها و أوقد ناره وأكرم ضيوفه. وكان موالي شيخ البحرين يلاحظون كرم و جود الشيخ جبر آل بوعينين وينقلون ذلك إلى شيخ البحرين.

 

وبعد أن انتهت تلك الضيافة وقبل مغادرة شيخ البحرين همس في أذن مضيفه بأن يزوره في قصر حكمه بالبحرين متى ما سنحت له الفرصة، وغادر الجزيرة شاكراً للشيخ جبر على حسن ضيافته.

 

ومر بعد ذلك فترة من الزمن و زار الشيخ جبر آل بوعينين شيخ البحرين في قصر حكمه، فأكرمه ومنحه حجة استحكام لجزء كبير من جزيرة النبيه صالح بالبحرين نظير كرمه.

 

و مضت الأيام والسنين وتوفي الشيخ عيسى والشيخ جبر رحمهما الله ، وتم حصر إرث الشيخ جبر و إذا هم بالعشرات من أبناء وبنات الأحفاد والعصبة لاستحقاق ارثهم من جزيرة النبيه صالح بعد ان ارتفع سعر أرضها وتم تسوية الارث والفراغ منه.

كما تم دفن البحر المحيط بجزيرة أم الشجر وضمها إلى مدينة الحد في البحرين والدوام لله، ويبقى الذكر الطيب والعمل الصالح . 

 

الخلاصة :

إذا كان حاتم الطائي قبل الإسلام قد ذبح فرسه لإكرام ضيوفه وهي فرس للحرب ، فمن باب أولى أن نذكر كرم الشيخ جبر بن عبدالعزيز آل بوعينين الذي ذبح بقرته الوحيدة التي منها قوته وقوت أسرته ، بل و حطم جانباً من سفينته لإشعال النار لطبخ غداء ضيوفه وهي وسيلة تنقله من الجزيرة الى البر البحريني . 

مقالات أخرى

Leave a Comment