وباء الطاعون في سلبا

وباء الطاعون في سلبا

 

روى الترمذي في حديثٍ حسن أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج من الأرض التي بها الطاعون أو الدخول إليها فقال : (… فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها) ، كما روي عن النبي أن (الميت بالطاعون شهيد) وذلك من ضمن انواع الشهداء في أمة نبينا محمد عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم .

 

وتتحدث هذه القصة عن بلدة سلبا الساحلية التي تقع في البحرين وكانت عامرة بالسكان من آل بوعينين وغيرهم و موقعها بين بلدة عسكر ومدينة الرفاع وربما تكون أقرب إلى الرفاع ، ويعتقد البعض أن اسمها كان بسبب عمليات السلب والنهب التي تعرضت له عبر تاريخها القديم .

 

ومنذ ما يزيد عن 100 عام وبالتحديد بين عامي 1338هـ/1339هـ انتشر بها وباء الطاعون القادم من الهند وفتك بأهل سلبا فتكاً ذريعاً فانقرضت عوائل بكاملها وهاجرت منها أسرٌ كثيرة لا تعد ولا تحصى إلى بلدان عسكر والمحرق ، وغيرها إلى خارج البحرين. وهلك بذلك أعداداً من أسرتي الثاني والفارس العلي آل بوعينين وتيتمت اطفالاً وتثكلت نساء وانقرض نسل عوائل كثيرة بكاملها منهم وفي تلك المأساة  قال احد الشعراء القدامى :

 

يصيح البـوم في سـلبا بتاده

    خراب ٍ وآشقى من هي بلاده

هبيل الرآي يا من هو سكنها

     من الأمراض ما يرفع وساده

 

وكان دفن الجنائز مستمر بشكل يومي في سلبا فما يدفنون جنازة حتى يعودون لدفن جنازة أخرى و ثالثة و رابعة.

 

عندما علم آل بوعينين في الجبيل بهذا الوباء الذي قضى على الكثير من أقاربهم وأهليهم تأثروا وتألموا كثيراً لذلك ولم يصبر الشيخ أحمد بن سعد بن أحمد العلي آل بوعينين على ذلك وغامر بنفسه وسافر بسفينته إلى عسكر بالبحرين واستطاع أن ينقذ أيتاماً من اقاربه من ذلك الوباء وهم عيد وسند ومحمد وأختهم مريم ابناء علي بن راشد بن سعد العلي آل بوعينين بعد أن استشهد والدهم وتوفيت والدتهم شيخه بنت ثاني بن محمد الثاني آل بوعينين وأختهم كلثم رحمهم الله والعديد من أسرتهم في سلبا.

 

وعاد الشيخ أحمد بن سعد العلي إلى الجبيل ومعه الأيتام وكان عمر أكبرهم آنذاك 12 عاماً ، و اهتم برعايتهم حتى كبروا وأصبحوا من نواخذة (قباطنة سفن الغوص) بالجبيل.

 

وقام الشيخ أحمد بن سعد العلي بعد عدة سنوات بتزويج مريم ابنة علي بن راشد العلي لابنه سعد بن أحمد العلي ، ولا تزال ذرية اخوانها المباركة يقيمون في مدينة الجبيل حتى يومنا هذا .

 

  

وكان من ضمن الناجين من ذلك الوباء في البحرين نجلاء بنت محمد بن ثاني الثاني آل بوعينين وتزوجها الشيخ منصور بن راشد الراشد العلي آل بوعينين وأنجبت منه أحمد و راشد و عائشة، وكان من الناجين أيضاً سعد بن خليفة بن سعد العلي آل بوعينين ووالدته القحطانية وتوفي بالجبيل .

 

 الرواة:

الشيخ راشد بن علي بن مهنا السعدان العلي آل بوعينين المتوفى في مدينة المحرق بالبحرين رحمه الله عن عمرٍ جاوز 115 عاماً

الوجيه سند بن علي بن راشد العلي آل بوعينين المتوفى في الجبيل رحمه الله

الأستاذ الوجيه راشد بن عيد بن علي العلي آل بوعينين المتوفى بالجبيل رحمه الله

الوجيه سعد بن أحمد بن سعد العلي آل بوعينين المتوفى بالجبيل رحمه الله

الوجيه جبر بن راشد بن احمد العلي آل بوعينين المتوفى بالجبيل رحمه الله

 

الخلاصة :

 

أقدار الله نافذةٌ على الجميع ورحمته وسعت كل شيء وهو مخرج الحي من الميت وله تدابير الأمور وحكمته التي لا يعلم بها سواه ، وسنروي في هذه السلسلة من قصص آل بوعينين في الأيام القادمة بعون الله العديد من قصص الأوبئة كوباء الكوليرا الذي فتك بنساء آل بوعينين في جزيرة قيس العربية على الساحل الفارسي في الفترة ما بين عامي 1847م/1850م وكذلك وباء الجدري الذي انتشر في جزيرة دارين عام 1892م والذي ذهب ضحيته ما لا يقل عن 40 رجلاً من فخذ النواصر آل بوعينين .

مقالات أخرى

Leave a Comment