آل بوعينين وأخوة القبائل

آل بوعينين وأخوة القبائل

 

رغم قوة وشجاعة آل بوعينين في الدفاع عن أنفسهم وكيانهم وبلدهم إلا أنهم يمارسون اللين والحكمة في معالجة الكثير من الأمور والقضايا، كحماية ابلهم ومواشيهم من النهب والسطو. خاصة بعد هجرتهم واستيطانهم لموطنهم عينين (الجبيل) حالياً عام 1327هـ/1909م.

فكانوا يتركون ابلهم واغنامهم ترعى بالمراعي القريبة من الجبيل مع رعاتها ، وكانت مراعي منطقة "الصم" التي تبعد عن الجبيل مسافة 10 كيلومترات من أجود المراعي لخضرتها الدائمة صيفاً وشتاءً وكثرة أشجارها البرية.

 

وبسبب عدم الأمن وكثرة الاعتداءات قبل حكم الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، ولحفاظ آل بوعينين على ابلهم من السلب والنهب وغزو القبائل الأخرى فقد اعتمد آل بوعينين على اتخاذ ما يسمى بالخوة (الأخوة) مع جميع القبائل التي تجوب منطقة الجبيل بحيث يأمنون شرهم وسلامة حلالهم. فيختارون أشخاص من كل القبائل المحيطة بهم ويسمى (خوي) بمعنى متآخي معهم ويكرمونه بالعطايا والمال شريطة أن تكون ابلهم ومواشيهم في حفظ الله ثم حفظه (أمانةً في وجهه) من أي اعتداء من قبيلته إذا اعتدت قبيلته على حلال آل بوعينين ، فيقوم بإعادة ما تم نهبه منهم دون أن تحصل بينهم وبين القبائل الأخرى أي مشاكل أو حروب .

 

ومن أطرف ما يتناقله بعض المعمرين رحمهم الله، أنه في احدى السنوات قام بعض الرجال من احدى قبائل الباديه بغزو منطقة الصم ونهب عددا كبير من ابل آل بوعينين. فتواصل آل بوعينين مع خويهم من تلك القبيلة واخبروه باعتداء رجال قبيلته على حلال آل بوعينين. فطمأنهم ذلك الخوي و وعدهم بإرجاع ما تم نهبه منهم. وطلب من آل بوعينين اعطائه ريال فرنسي (العملة السائدة بالجزيزة العربية آنذاك) فأعطوه الريال واخذه ولفه بقماش وربطه على بطنه تحت ملابسه ، وذهب إلى جماعته وتعرف على المعتدين وطالبهم بإرجاع أبل آل بوعينين وقال لهم : لقد احرجتموني من ربعي آل بوعينين وهم في وجهي ، ووالله ثم والله ان خيرهم في بطني وضرب بيده على مكان الريال الفرنسي الذي تحت ملابسه.

فقالوا له لا تنحرج ولا ينزل راسك وحنا جماعتك وهذا حلال آل بوعينين خذه معك وارجعه لهم ، فأخذ جميع ابل آل بوعينين المنهوبة وأعادها لهم في أيام قليلة .

 

الخلاصة :

 

إن القسم بالله أمرٌ عظيم ولم يرغب ذلك الخوي بالكذب على جماعته فصدق بقوله (ان خيرهم في بطني) ويقصد بالخير الريال الفرنسي ، وكذلك ابت مرؤته أن يحنث بوعده للبوعينين ، فمهما كانت اسباب الغزو إلا أن للعرب شيم و أخلاق ومروءة متأصلة في نفوسهم (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)

 

مقالات أخرى